{يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (29)}{العالمون خَلَقَ الله السموات والارض} قاطبة ما يحتاجون إليه في ذواتهم حدوثًا وبقاءًا وفي سائر أحوالهم سؤالًا مستمرًا بلسان المقال أو بلسان الحال فإنهم كافة من حيث حقائقهم الممكنة عزل من استحقاق الوجود وما يتفرع عليه من الكمالات بالمرة بحيث لو انقطع ما بينهم وبين العناية الإلهية من العلاقة لم يشموا رائحة الوجود أصلًا فهم في كل آن سائلون.وأخرج عبد بن حميد. وابن المنذر عن أبي صالح {يَسْأَلُهُ مَن فِى السموات} الرحمة، ومن في الأرض المغفرة والرزق، وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج {يَسْأَلُهُ} الملائكة عليهم السلام الرزق لأهل الأرض والمغفرة. وأهل الأرض يسألونهما جميعًا وما تقدم أولى. ولا دليل على التخصيص.والظاهر أن الجملة استئناف. وقيل: هي حال من الوجه والعامل فيها {يبقى} [الرحمن: 27] أي هو سبحانه دائم في هذه الحال، ولا يخفى حاله على ذي تمييز {والارض كُلَّ يَوْمٍ} كل وقت من الأوقات ولحظة من اللحظات.{هُوَ فِى شَأْنٍ} من الشؤون التي من جملتها إعطاء ما سألوا فإنه تعالى لا يزال ينشىء أشخاصًا، ويفنى آخرين ويأتي بأحوال ويذهب بأحوال حسا تقتضيه مشيئته عز وجل المبنية على الحكم البالغة، وأخرج البخاري في تاريخه. وابن ماجه. وابن حبان. وجماعة عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في هذه الآية: «من شأنه أن يغفر ذنبًا ويفرج كربًا ويرفع قومًا ويضع آخرين» زاد البزار «ويجيب داعيًا» وقيل: إن لله تعالى في كل يوم ثلاث عساكر. عسكر من الاصلاب إلى الأرحام. وعسكر من الأرحام إلى الدنيا. وعسكر من الدنيا إلى القبور، والظاهر أن المراد بيان كثرة شؤونه تعالى في الدنيا فكل يوم على معنى كل وقت من أوقات الدنيا.وقال ابن عيينة: الدهر عند الله تعالى يومان، أحدهما: اليوم الذي هو مدة الدنيا فشأنه فيه الأمر والنهي والإماتة والإحياء. وثانيهما: اليوم الذي هو يوم القيامة فشأنه سبحانه فيه الجزاء والحساب، وعن مقاتل إن الآية نزلت في اليهود قالوا: إن الله تعالى لا يقضي يوم السبت شيئًا فرد عز وجل عليهم بذلك، وسأل عبد الله بن طاهر الحسين بن الفضل عن الجمع بين هذه الآية وما صح من أن القلم جف بما هو كائن إلى يوم القيامة فقال: شؤون يبديها لا شؤون يبتديها، وانتصب {السماوات والارض كُلَّ يَوْمٍ} على الظرف، والعامل فيه هو العامل في قوله تعلى: {فِى شَأْنٍ}، و{هُوَ} ثابت المحذوف: فكأنه قيل هو ثابت في شأن كل يوم.